أردوغان يتعهد بالشفافية وتحقيقات دولية لكشف ملابسات سقوط طائرة رئيس أركان الجيش الليبي
خيّم الحزن والصدمة على ليبيا والمنطقة العربية، عقب حادث سقوط الطائرة المروحية التي كانت تقل رئيس أركان الجيش الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية، الفريق أول محمد الحداد، وعددًا من كبار الضباط والمرافقين، في واقعة أعادت إلى الواجهة تساؤلات حساسة حول طبيعة الحادث وتوقيته.
ولم تقتصر تداعيات الحادث على الخسارة العسكرية فحسب، بل امتدت إلى المشهدين السياسي والأمني، نظرًا للدور المحوري الذي لعبه الفريق الحداد في مساعي توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، واعتباره أحد أبرز رموز التوازن في المشهد العسكري المعقد.
وفي أول موقف دولي لافت، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدء التحقيقات الرسمية في حادث سقوط الطائرة، متعهدًا بأن تتم الإجراءات بـ«شفافية كاملة» للوصول إلى الحقيقة، في ظل التعاون القائم بين أنقرة وحكومة الوحدة الوطنية. وتكتسب هذه التصريحات أهمية خاصة في ضوء الشراكة العسكرية والأمنية الوثيقة بين تركيا وليبيا.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن فرقًا فنية متخصصة تعمل على فحص حطام الطائرة وجمع الأدلة، وسط حديث عن تعاون تقني واستخباراتي يهدف إلى تحليل بيانات الرحلة والصندوق الأسود، لمنع انتشار الشائعات وضمان نزاهة النتائج.
وبحسب المعطيات الأولية، كانت الطائرة في مهمة رسمية بين مواقع عسكرية في غرب البلاد، قبل أن ينقطع الاتصال بها وتسقط في منطقة نائية.
وتطرح التحقيقات فرضيتين رئيسيتين: الأولى تتعلق بخلل فني أو ظروف جوية صعبة، في ظل تقادم بعض الطائرات العسكرية ونقص الصيانة، والثانية لا تستبعد وجود شبهة استهداف أو عمل تخريبي، بالنظر إلى حساسية موقع الحداد ودوره في لجنة التنسيق العسكري المشتركة (5+5).
ويأتي الحادث في توقيت بالغ الحساسية، حيث كانت ليبيا تخطو خطوات حذرة نحو تفاهمات سياسية وأمنية، تشمل توحيد القيادة العسكرية والتهيئة للاستحقاقات الانتخابية. وكان الفريق الحداد يحظى بقبول واسع لدى أطراف في الشرق والغرب، ما جعل رحيله المفاجئ يثير مخاوف من فراغ قيادي قد يعقّد المشهد العسكري.
ويرى مراقبون أن تعهد أردوغان بالشفافية يهدف إلى احتواء التوتر ومنع انزلاق الأوضاع نحو تصعيد ميداني أو صراعات داخلية، مؤكدين أن سرعة إعلان نتائج التحقيق ستكون عاملًا حاسمًا في الحفاظ على الاستقرار.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، تبقى وفاة الفريق محمد الحداد خسارة فادحة لجهود توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وسط ترقب داخلي وإقليمي لكيفية تعامل طرابلس مع هذا الفراغ المفصلي، وما إذا كانت ليبيا قادرة على تجاوز المحنة دون الانزلاق إلى مرحلة جديدة من الغموض الأمني والسياسي.

